كيف يمكن التغلب على المماطلة ، والإحساس بالرضا ، والشك في الذات ، والإفراط في الالتزام ، والوعود المبعثرة والفوضى ..
– بيانات الكتاب ..
المؤلف : ستيف تشاندلر
التصنيف الموضوعي : تنمية ذات
تاريخ النشر : أغسطس ٢٠١١
متوسط عدد صفحات الكتاب : ٢٤٠ صفحة
متوسط سعر الكتاب : ٢٢٠ ج
– ملخص الكتاب ..
– الوقت كالسيف إن لم تقطعة قطعك .. !
الوقت محارب يسعى إلى هزيمتك. والتغلب عليه لن يتحقق إلا عندما تقرر الالتزام بأداء مهامك الآن، لا في وقت لاحق، وذلك لكي يحتفظ عقلك بحالة من الصفاء التي يجب ألا تكدرها أية هموم أو مشاغل، فيستطيع مواصلة إبداعه. لطالما وضع الناس برامج من شأنها إدارة أوقاتهم، لكنها أثبتت فشلها بعد أن أثقلت كواهلهم بسبب تركيزها على إتمام المهام في وقت ما في المستقبل، الأمر الذي يحول تلك المهام إلى سلسلة من المشكلات المعقدة التي تنتهي بصاحبها إلى التسويف والتأجيل؛ فالمرء يؤجل مهمته بحجة التمسك بالكمال، وبما أن الكمال لله وحده، لم يُفلت المسوفون والمماطلون من السقوط ضحايا للإجهاد والتوتر. على صعيد آخر، حين يكون المرء مرنًا، يجد نفسه مفعمًا بالطاقة والحيوية، كأن ترد على بريدك الإلكتروني حال فتحه دون تأجيل، فما يستحق الإرجاء يستحق الإلغاء.
مصدر التسويف هو الخوف الذي ينشأ من تصور المستقبل، وتأجيل المهام يزيد حجم هذا الخوف. وبما أن الهجوم خير وسيلة للدفاع، فعلينا الهجوم على الوقت، تمامًا كما يستل المحارب سيفه ويختار خوض معارك دون غيرها. عليك أنت أيضًا أن تنتقي أي مهام تؤدي وأي مهام تترك، وإلا هزمك الوقت وقطعك سيفه.
بيد أن جل البشر لا يفعلون ذلك؛ فهم يضيعون وقتهم في التفكير، والتأمل، والتدقيق، والتحليل، غير مدركين أنهم سيخسرون معركتهم مع الزمن بهذا الأسلوب.
– علاقة الحالة المزاجية بالإبتكار ..
يقول “بروس لي” إن المحارب إنسان متوسط القدرات، لكنه يتمتع بقدرة فائقة على التركيز. فماذا يحدث إذن لو افتقر هذا الشخص متوسط القدرات إلى مهارة التركيز؟ سيشعر بالتشتت لا محالة !
البشر بطبيعتهم مشتتون: إذ ينزعون إلى إهدار طاقاتهم في إرضاء هذا، وإراحة ذاك، وهذا أمر خطير، إذ إننا خلال محاولة الاحتفاظ بكياناتنا، نفقدها دون أن نشعر.
ما أعجب شأن البشر! تتحكم فيهم حالتهم المزاجية فيحققون نتائج باهرة إن شعروا بالسعادة، بينما تحط بهم التعاسة أسفل سافلين، فيتغيرون تمامًا ويصبحون أشخاصًا آخرين. يجب أن نستجمع كل ما نملك من طاقة للاحتفاظ بكياننا وسماتنا الشخصية بما يضمن التركيز والقدرة على الابتكار.
– الوقت كالهواء فلا تضيعه هباء .. !
نحن نشعر بالهواء في حركة أغصان الشجر، ونسمع صوته حين تهب الرياح، لكننا أبدًا لا نراه. هكذا الوقت: فإن كانت دقات الساعات تخبرنا بحركته، وخفقان قلوبنا يسمعنا صوته، لا نراه البتة، غير أننا نصنعه. فحين نضع خطة محكمة لتقسيم مهامنا عبر اليوم، فإننا بذلك إنما نصنع، ونشكل، ونعيد بناء وقتنا. وهنا يصبح الإنسان فارسًا شريفًا: يتخلص من أعدائه الممثلين في أعمال تافهة أو أناس مستغلين، مستبقيًا كل ما هو نافع وبنّاء.
أما عن المستغلين، فهم أناس نسعى إلى إرضائهم معتقدين أن رضاءهم سيجعلنا من السعداء، وهذا خطأ جسيم؛ إذ إن محاولة إرضاء البشر هي السبب الرئيس في إهدار الوقت.
ففي أثناء سعينا الحثيث لإرضاء الآخرين من خلال ردنا على كل رسالة إلكترونية يرسلونها، وكل مكالمة هاتفية نتلقاها منهم، وتلبية كل ما يطلبونه مهما كان غير ذي قيمة، تجدنا نضيع وقتنا سدى دون أن نحقق هدفًا أو نكمِل مهمة.
– مخاوف الطفولة تتحكم في الوقت ..
تتشكل جل مخاوفنا إبان فترة الطفولة، ولا تنفك تنمو معنا حتى نبلغ من العمر أرذله. لكن، لا يُفطر البشر على الخوف، بل يكتسبونه إما من التنشئة الاجتماعية، أو الاستماع إلى قصص الآخرين، أو مشاهدة البرامج التليفزيونية أو حتى قراءة الروايات. وبينما يكتسب البشر طبيعة الخوف من أشياء بعينها، تجدهم يتعلمون اتقاء شر تلك الأشياء. وفي أحيان أخرى يحتمون بالوالدين، أو المدرسين، أو باتباع مكارم الأخلاق.
بيد أن هذا لا يعني أنهم حققوا إنجازًا، أو قاموا بعمل خارق أو بطولي. فالطفل يدرك بحدسه أن الكبار يملكون مفاتيح كل شيء، وأن بأيديهم سلطة الحل والربط. من ثم، ترى اهتمامهم الأول وقد تحول إلى إرضاء هؤلاء الكبار، بل وتعلُّم فعل كل ما يسعدهم وتجنب كل ما يغضبهم؛ بعبارة أدق: إن طبائع الكبار وأهواءهم )في معظم الأحيان( تشكل سلوكيات الصغار. ألا يستهلك هذا وقتًا كبيرًا كان من المجدي توجيهه للتعلم أو الابتكار؟ مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن بعض الناس ينتقلون من مرحلة إرضاء الآخرين إلى مرحلة خدمتهم ومساعدتهم، دون إهدار قواهم وطاقاتهم. لذا يصبحون أبطالاً ومبتكرين. لكنهم يعدون بمثابة استثناء لقاعدة عريضة من الساعين إلى رضاء الغير.
تعيش تلك القاعدة العريضة حالة طفولة دائمة. لكننا لا نستطيع أن نلوم أناسًا قضوا سنوات طويلة يتدربون على إرضاء الآخرين، حتى صار الأمر بمثابة عملية لا شعورية تُسِّيرهم وتحدد منحى حياتهم ويصعب التخلص منها إلا بعد مواجهة تحدٍّ كبير. وهنا يبرز دورك كمحارب حقيقي، محارب لا يستل سيفًا أو يمسك ببندقية، بل يفند كل معتقداته ويتعلم كيف يقتلع سلبياته من جذورها.
– لا تماطل .. !
لطالما تساءل الكثيرون: كيف أفرق بين المماطلة وبين استفتاء القلب لاستلهام الأفكار المُحفزة؟ الإجابة بسيطة: إن كنت تنتظر الوقت المناسب والفكرة الأكثر إبداعًا كي تنفذ مشروعًا ناجحًا، فلا جناح عليك، أما إن كنت تعلم جيدًا ما ينبغي عمله لكنك تمعن في التأجيل طمعًا في إرضاء الآخرين، فأنت من المسوفين.
إن حياتنا – طويلة أكانت أم قصيرة – تبدأ بعمل بسيط، ينمو بجهودنا وأفكارنا ليصبح إنجازًا عظيمًا أو مشروعًا ناجحًا. لكن إن ارتأى لنا الأمر العظيم كشبح مخيف، فلن نخطو خطوة واحدة إلى الأمام، وسنظل قابعين في المربع “صفر”.
يستطيع البشر أحيانًا أن ينهوا مهمة ما تستغرق ساعة في نصف الساعة. ليست هذه رغبة في عدم الدقة، بل بالأحرى في حسن استغلال كل ثانية والتركيز في المهمة بحيث ينتهون منها على خير ما يكون. أما إذا ماطلوا وقالوا لأنفسهم: “إن ساعة وقت قليل، ربما أحتاج أكثر!” فسيفتحون الباب للإرهاق، والهواجس، والأفكار السلبية التي تهدر الوقت وتحول دون إتمام المهام.
الحل الأمثل لمشكلة التردد وإرجاء اتخاذ القرارات هو اتخاذ القرار والتصرف بسرعة وحسم (دون رعونة) ، ووضع خطط عمل، ومداومة سؤال أنفسنا عن الخطوة التالية حال إنهائنا للمهمة الحالية. إن الحل هو مواصلة العمل، والحركة، وحسن استغلال الطاقة.
– لا تبع ماتدري بما لا تعلم ..
المنتصرون على الوقت هم أناس يغتنمون فرص المستقبل ويستثمرونها في الزمن الحاضر لدعم قدراتهم على العيش، وصناعة غد أفضل؛ فتجد أصحاب المشروعات الصغيرة، أو المدربين، أو المستشارين، أو المربين يصنعون مستقبل شركاتهم، أو متدربيهم، أو أطفالهم بأقل الإمكانات حتى لو كانت كلمات قصيرة تقال في فناء مدرسة، أو توجيهات يعطيها رئيس مجلس الإدارة لموظفيه في أثناء تبادل النكات والضحكات إبان وقت الاستراحة.
إن المحارب لا يستريح، ولا ييأس، ولا يهدأ له بال حتى يطلق لطاقاته العنان؛ حيث إن إجباره على التأجيل إنما يشبه دفعه دفعًا نحو الموت المعنوي. إنه كسائر المحاربين، أقسَم ألا يترك سلاحه إلا حين توافيه المنية. من ثم، لا يضع أمثاله خططًا مستقبلية؛ بل يبادرون ويقطعون الوقت: التنفيذ خير من التسويف، وكلمات اليوم أفضل من خطب الغد، وتغيير العالم في اللحظة الحالية أفضل من تغييره في العام القادم. إنهم يستغلون كل ما ملكت أيديهم من إمكانات ويستثمرونها خير استثمار فورًا، غير جاعلين منها ثروات معطلة، وهذا لا ينفي عنهم صفة الفطنة أو حسن التدبير أو القدرة على اختيار اللحظات المناسبة:
فلماذا لا تُشترى الأصول ما دامت المؤسسة تملك المال؟ ولماذا لا يُنفذ المشروع الآن وقد انتهت دراسة الجدوى؟ ولماذا لا تُسدى النصيحة في وقتها قبل فوات الأوان؟ إن حسن استغلال اللحظة الحالية أفضل من الإغراق في الأحلام والإمعان في الأوهام.
– لا يهزمنك القلق ..
يقعدك القلق عن العمل، ويصيبك بالشلل، ويجمد أوصالك عن الحركة، ويملأ نفسك بالمرارة والملل، ويذهب بك إلى أسوأ تصور للمستقبل، فتتخيل أمورًا مرعبة، وتطعن نفسك بأوجاع كثيرة. لكن، إن كنت من محاربي الوقت، فلن يستبد بك القلق أبدًا، وستظل مفعمًا بالحماس والحيوية حتى تتم مهامك بنجاح.
في متاهة البحث عن تلك “المهمة الممتعة” التي تغنينا عن المال، بدلاً من إنهاء المهمة الموكلة إلينا على خير وجه. من هذا المنطلق علينا أن نستبدل بتلك المقولة أخرى أكثر احترامًا لقيمة الوقت، وهي: “أحب ما تعمل وسيأتي المال حتمًا”. هذا هو فصل المقال. فحتى لو لم ترُق لك مهمتك، وقررت أن تنهيها بسعادة، وابتكار، وحماس، ستحقق نتائج باهرة؛ فقد تحصل على ترقية، أو علاوة استثنائية، أو حتى تصبح رئيس مجلس إدارة.
– اخدم الاخرين ولا تستجد رضاهم ..
خدمة الآخرين من أفضل طرق استثمار الوقت، ونقصد ب“الخدمة” إتمام مهامك بتفانٍ والتزام دون تراخٍ، أو تكاسل، أو إلقاء أي شيء على عاتق الآخرين، ودون استجداء رضاء أحد.
من يشعرون بالضيق والاختناق هم من يهدرون وقتهم في محاولة معرفة انطباعات الغير عنهم، واستجداء رضائهم، وهو عمل شاق، وغير مجدٍ، وغير مربح. أي معركة خاسرة هي تلك التي لا نفتدي فيها الوقت، بل نضيعه لاهثين وراء تحقيق ما يجعل الطرف الآخر يقول: “أنا راضٍ عنك!” غير الجديرين هم أكثر الناس احتياجًا إلى سماع العبارة السابقة، ونيل رضاء الآخرين؛ فتجدهم يذهبون إلى المستشارين، والمعلمين، والمدربين، والمرشدين الروحيين طالبين النصيحة المتضمنة في الإجابة عن السؤال التالي:
– لا يغلبنك الإحباط ..
ليس الإحباط بحل لأية مشكلة. كما أنه مضيعة للوقت لأنه يهدر الطاقة الإيجابية ويجعلك تغرق في مشكلات الآخرين وتمعن في التعاطف معهم لدرجة تجعلك تصاب بالاكتئاب، فتعجز عن حل المشكلة وتسبب للآخرين مشكلة! لا يصاب المنتصرون على الوقت بالإحباط، أو الاكتئاب، أو العجز، بل بالأحرى يندفعون نحو إيجاد الحلول. فحين حدث زلزال “هاييتي” راح أحد الفنانين الأمريكيين يعمل ليلاً ونهارًا لينظم حفلاً خيريًا لصالح منكوبي الزلزال.
وبينما انكب الرجل على العمل، اكتأب آخرون وبكوا دون أن يفعلوا أي شيء. وكذلك الأطباء الذين راحوا يعالجون المصابين، ويرفعون الروح المعنوية للمنكوبين، ويتضاحكون مع الأطفال، حققوا نتائج أروع من الأطباء الذين انتحبوا أمام كاميرات القنوات الفضائية ووكالات الأنباء دون أن يقدموا خدمة حقيقية يساعدون بها المنكوبين. تُعد المشكلات، والكوارث في بعض الأحيان، فرصًا رائعة لاستثمار الوقت وتغيير العالم إن تم استغلالها في مساعدة الآخرين وإخراجهم من إحباطاتهم. لكنها قد تتحول إلى قنابل موقوتة إذا استخدمناها لنروج مفردات سلبية مثل “ليس هذا بعدل”، و“يا للمعاناة!” بدلاً من “لنستغل الوقت في مساعدتهم” أو “هناك بارقة أمل”. إن مجرد التفوه بتلك العبارات السلبية كفيل بأن يصيبنا بالقلق، والإحباط، والعجز.
أما الإيجابيون، فهم أكثر قدرة على مساعدة الآخرين من غيرهم. فالطبيب في ميدان القتال – لكي يستطيع إسعاف المصابين وإنقاذ أرواحهم – يتجاهل مشاعره الإنسانية الفطرية تجاه الجرحى والموتى، ويدخر طاقته لمساعدتهم. الإنسان الإيجابي أكثر فاعلية وتعاونًا مع الغير، فبدلاً من مجرد التعاطف معهم والتباكي على مشكلاتهم، تجده لا يقف متفرجًا، بل يشمر عن ساعديه ويمد إليهم يد العون. أما ذلك الباكي الحنون، فما هو سوى مهدر للطاقة والوقت. المنتصر على الوقت يسأل: “ماذا ينبغي أن أفعل؟” بدلاً من “أنتم لا تعرفون كم المرارة التي أشعر بها!”
– الاسترخاء هو مفتاح التركيز ..
يقول الكثيرون إنهم يحاربون كي يستبقوا تركيزهم. ولكن كيف يتسنى لهم كسب تلك المعركة المضنية؟ “المعركة” هي المشكلة، لا التركيز أو الانتباه. لتوقف هذه الحرب إذن! فعندما تركز ببصرك لترى شيئًا بعيدًا، فإنك فقط تجهد عينيك دون أن تتمكن من رؤيته بوضوح. وهنا يصبح الاسترخاء هو الحل. فقط أرح عينيك وسيقترب منك كل ما بَعُد. يمكننا تطبيق نفس المنطق على المهام الموكلة إلينا. إن استرخيت، سيتحسن أداؤك، وستستمتع بعملك أيما استمتاع. الأمر لا يحتاج سوى بعض التدريب والممارسة.
جدير بالذكر أن مسألة التركيز ليست بمشكلة تتعلق بنمط شخصيتك أو طباعك، تمامًا مثلما أن افتقارك إلى موهبة العزف على البيانو بنفس كفاءة “شوبان” ليست مشكلة في شخصيتك. إنها مسألة تدريب فحسب: فحين تدرب نفسك على فعل شيء بشكل تلقائي، سيصبح سهل الممارسة بشكل تدريجي.
– المشكلة ليست إدارة الوقت ..
بدلاً من أن توهم نفسك بعدم قدرتك على إدارة الوقت، فكر بالأحرى فيما وراء تلك المشكلة. قد لا يكون هدفك واضحًا. من ثم، عليك أولاً وضع الهدف وتحديده: كأن تقرر الذهاب إلى مطار “نيويورك” الساعة كذا، وهنا لن تصبح لديك أية مشكلة في وضع جدول زمني للأولويات قبل الذهاب وبعده.
فحين تركب سيارتك كي تتوجه إلى المطار، لن يكون لديك أي وقت – مهما كان قصيرًا – للتحدث في أي موضوع مع أي شخص. ستقول لمن يستوقفك ويعطلك آنئذ: “ليس لدي وقت للتحدث في هذا الأمر الآن، فأنا في طريقي إلى المطار.” لقد صرت محاربًا، واستطعت أن تنقذ وقتك.
يضاف إلى ما سبق أنك تستطيع رفض أو إرجاء كل ما هو غير مهم أو غير مُلح. بذلك تختفي مشكلة إدارة الوقت بلا رجعة. فقد صارت لديك مهمة محددة ستقوم بها، وقد التزمت بذلك. إن الذين لا يعانون من أزمة إدارة الوقت هم أناس يعرفون ما يقبلون وما يرفضون. لقد حددوا ما هم مزمعون أن يفعلوا. تتمثل المشكلة الحقيقية في إنسان يستيقظ وفي رأسه آلاف الأمور غير المرتبة، وليست لديه أية أولوية يضعها في مقدمة جدول أعماله ويقول: “هذا هو الأهم، وهذا هو المهم”. إنه معدوم الهدف، وفاقد الوجهة.
من ثم، إن دخل أحدهم إلى مكتبه وقال: “هل لديك وقت لنتحدث معًا؟” فلن يرفض البتة، كي لا يغضب ضيفه! سيرد على كل رسالة بريد إلكتروني، وكل مكالمة هاتفية. لكن سرعان ما سينهار وسينتهي اليوم دون إنجاز، وسيعود إلى بيته شاكيًا وباكيًا على ما ذهب بغير رجعة، وستجده يقول بمرارة: “إن وقتي لا يتسع لمهامي، ألا توجد طريقة تصبح بها الساعات الأربع والعشرون ثمانية وأربعين؟” قد تنطوي العبارة على بعض المبالغة، لكن الحقيقة هي أن هذا الشخص قد فقد وجهته، وأهدر طاقته. ومن ثم، عليه أن يتحلى ببعض الجرأة التي ستعينه على الاختيار، والرفض، والقبول، وترتيب الأولويات، وبالتالي الإنجاز
والانتصار على الوقت.
– التغلب علي المماطلة والتسويق ..
ابدأ الآن ما أجلته لوقت لاحق! وها هي الخطوات التي ستعينك على ذلك:
* اكتب قائمة بثلاث مهام أجلتها
* ابدأ تنفيذ هذه المهام الثلاث
هذه هي الخطوة الأولى وهي مفتاح سائر الخطوات التي ستخلصك من كابوس التأجيل والتسويف. أما عن الخطوة الثانية: فهي تتمثل في أن تكف عن تأنيب نفسك، والندم على الوقت المهدر، وتتوقف عن الخوف والتكاسل، أو حتى إلقاء اللوم على والديك اللذين لم يعلماك كيف تتجنب عادة التسويف والمماطلة.
إن أجلت أي أمر، فأسرع بإنهائه لحظة شعورك بالخطأ الذي ارتكبت. يعد هذا أبسط حل لمشكلتك، لكنه آخر حل يلجأ إليه البشر لعلاج المماطلة والتأجيل: إذ إنهم لا ينفكون يبحثون عن السر الرهيب أو الداء العضال الذي يلقي بهم في غياهب التأجيل، ومن ثم يمعنون في إضاعة المزيد من الوقت الثمين.
– البداية الصحيحة نصف المعركة ..
تتمحور مشكلة التأجيل حول عدم البدء في المهمة أصلاً! فالبداية هي الأصل والأساس، وإن بدأت في شيء، فإنك حتمًا ستنتهي منه. قد يكون السبب هو اعتقادنا أن ثمة أمرًا سلبيًا سيحدث إن شرعنا في هذا الأمر بعينه، وبناءً عليه نؤجل الأمر، أو بالأحرى لا نشرع في تنفيذه أبدًا.
من هذا المنطلق يُعزى الإخفاق في إدارة الوقت إلى عدم الإيمان بالمهمة الموكلة إليك. اسأل نفسك: ما الفكرة الراسخة في ذهنك حول تلك المهمة وتحول دون قيامك بها؟ إما أن تقبل التحدي وتواجه نفسك وتحسم أمورك المؤجلة، أو تقضي حياتك في تسويف مستمر. وتذكر دائمًا أن هناك أمرين يستطيع المحارب القوي بهما الانتصار على الوقت. الأمر الأول يتعلق بحالتك النفسية ومشاعرك الداخلية؛ فاكتب ما تشعر به من مخاوف وتغلب عليها. الأمر الثاني يتعلق بأحوالك الخارجية )مثل بيئة العمل(، فرتب أولوياتك، ونحِّ كل ما هو غير مهم جانبًا وابدأ المهمة الموكلة إليك سواء أعجبتك أم لم تعجبك.
كيف تفعل المستحيل من المفيد أحيانًا أن نفعل المستحيل. وهنا جدير بنا أن نُعرف ذلك “المستحيل”: ففي سياق حديثنا ليس المستحيل هو المعجزات أو ما تمكننا منه القوى الخفية أو السحر، بل هو أمر صنفته عقولنا على أنه بالغ الصعوبة، أو حتى غير معقول. من هذا المنطلق، يشعر المرء بالضعف والعجز، وأنه لا يستطيع الاضطلاع سوى بالأدوار الهامشية وغير ذات التأثير؛ مع ذلك تجده يطمئن نفسه ويهدئ من روعه حين يضع في ذهنه: “أنا في أمان، لن أفعل هذا أبدًا أو حتى أشرع في فعله.” مسكين هذا الشخص! إنه يتجاهل مهاراته ومواهبه ومواطن قوته، ويضعها في صندوق ويلقي به في عرض البحر. لماذا لا تفتح هذا الصندوق؟ لماذا تستسلم لحيل شيطان التوتر والتسويف؟ لماذا تعتنق مذهب “المستحيل” و“اللاأستطيع”؟ تجاهل كل تلك الأمور، وأنجز مهمتك.
حين تحدد تلك المهمة التي صنفها عقلك على أنها مستحيلة، فابحث عن صديق، أو مرشد تثق في رأيه ومشورته كي يعينك على اتخاذ أكثر القرارات صوابًا. لا تجعل ذاتك تحاصرك، بل اخرج من ذلك الحصار والجأ إلى صديقك أو معلمك عله يعينك على التركيز في النتيجة المزمع تحقيقها. ثق أن اشتراك الآخرين معك لا يحط من قدرك، بل يساعدك على الاستفادة من خبراتهم، وتوسيع أفقك، وابتكار حلول جديدة، وطرح أسئلة مهمة، وهي أمور من شأنها مساعدتك على فعل المستحيل.
– لا تخش التقدم في العمر ..
كلما تقدم بنا العمر، ازدادت خبراتنا وقدراتنا على إنجاز مهام لم يكن لنا طاقة بها حين كنا شبابًا. لماذا إذن يزعجنا تقدم العمر؟! إن الخوف وليد توقع مستقبل مجهول، بينما تُولد الطمأنينة من الإنجاز، والابتكار، وخدمة الآخرين في الحاضر. فإن اندمجت في هذا النوع من الخدمة، فلن تشعر بالتقدم في العمر، بل بالأحرى لن تشعر بالوقت أصلاً.
افعل أي شيء جميل بغض النظر عن سنك، وحتى إن لم تسر أمورك على ما يرام، يكفيك ما تكتسب من خبرات، وتستقي من دروس، وما يطرأ على شخصيتك من تغيرات إيجابية تحولِّك إلى إنسان جديد ومتجدد. درِّب نفسك على النظر إلى المشكلات بوصفها أُحجية تثير الفضول وتسترعي الانتباه )لا الاكتئاب(، أو حتى على أنها ضرب من ضروب التسلية أو التحديات التي تملأ حياتك بالطاقة والحيوية.
حوِّل حياتك إلى آلة موسيقية واطرح على نفسك الأسئلة التالية: “هل أجيد العزف على أوتار حياتي؟ ما النوتة التي برعت في عزفها؟” درب نفسك الآن، لا في وقت لاحق. توقف عن القلق، ولا تهتم إن بلغت من العمر أرذله، اهتم فقط بما حققته من أحلام وأنجزته من مهام.
– لا تخدع نفسك ..
الجميع يرومون تغيير حياتهم، ويتطلعون إلى النجاح، لا إلى الفشل؛ بيد أن الجميع يبدؤون حديثهم بجملة: “لا أعرف كيف أفعل…” وهنا يسقطون في الفخ، ويتحولون إلى ضحايا. والضحية لا تفكر إلا في أمر واحد: “لا أعلم كيف أفعل كذا وكذا”.
إن كنت ترغب في تدريب الآخرين، فافعل؛ وإن كنت تريد الغناء، فغنِّ؛ وإذا رغبت في أن تصبح كاتبًا، فاكتب، وإذا رغبت في النجاح، فانجح! يقول المعلم الأول “أرسطو”: “ إن ما نتعلم عمله، إنما نتعلمه من خلال ممارسته. فالبناؤون يصبحون بنائين حين يبنون، ويصبح عازفو القيثارة هكذا حين يعزفون القيثارة. ففي كثير من الأحيان، نتعلم الأشياء حين نمارسها. حين نقوم بأعمال تتسم بضبط النفس، نستطيع ضبط أنفسنا، وحين نعمل أعمالاً شجاعة نصير شجعانًا.” ليس على المحارب أن يعرف ما يفعل، أو كيف يفعله؛إذ إنه فقط “يختار” أن يفعله.