ملخص كتاب الإقتصاد عارياً .. عرض طريف ومشوق للمفاهيم الإقتصادية
ملخص كتاب الإقتصاد عاريا !
مقدمة حول الكتاب ..
مقدمة تشرح كل المفاهيم الاقتصادية الأساسية في هذا العلم
الكتاب خال تماما من المعادلات، والرسوم البيانية المعقدة، وحتى الألفاظ تم اختيارها لتكون سهلة وواضحة لكل قارئ لم يتطرق لعلم الاقتصاد من قبل.
يعتمد الكتاب على أمثلة حية من واقعنا اليومي، فكل الأمثلة التي أوردها المؤلف نلمسها في حياتنا اليومية وذلك لأن الكتاب لا يخاطب المتخصصين فقط بل أنه في الأساس يطرح أفكاره لغير المتخصصين ليذهلهم بقدرة علم الاقتصاد على تفسير اتجاهات وظواهر نلمسها جميعا.
المؤلف : تشارلز ويلان
عدد صفحات الكتاب : 400
تاريخ النشر : 2010
ملخص الكتاب ..
– الاقتصاد السلوكي ..
علم الاقتصاد مثله مثل كل العلوم له حقائقه وقوانينه، إلا أن درجة تأثره بالأوضاع الاجتماعية والسياسية وتداخل علاقاته مع هذه الأوضاع غلّبت عليه صفة العلم الإنساني والاجتماعي، مما جعله يتطور بشكل متسارع ويتمخض عما يعرف اليوم ب”الاقتصاد السلوكي“.
بعد أن حقق ”الاقتصاد“ استقلاله الذاتي كعلم منفصل بفعل تعقيدات الحياة، استطاع ”الاقتصاد السلوكي“ أن يحتل المراتب الأولى بوصفه أكثر العلوم الحديثة أهمية وإثارة، وأصبحت دراسته ضرورة حتمية لفهم وتفسير أسباب الأزمات وتجنب وقوعها.
بعدما تأكد علماء السلوك والفلسفة والاجتماع من أن ”الإنسان ليس كائنًا عقلانيًا“ زاد الاهتمام بعلم الاقتصاد السلوكي، الذي يبدأ بافتراض أن القرارات الاقتصادية، مثل جميع جوانب السلوك الإنساني، تتأثر بعوامل نفسية لا عقلانية.
وهنا يكشف ”الاقتصاد السلوكي“ نزوات السلوك البشري والآثار التي تخلفها من أجل تعظيم الفائدة والأرباح، وذلك بتحليل وتقييم الآلية والكيفية التي يتخذ بها الأفراد قراراتهم، تلك القرارات التي تتناقض مع النظريات التقليدية لعلم الاقتصاد.
– سيكولوجية تعظيم المنفعة ..
يسعى الناس إلى تحسين مستواهم المعيشي من خلال تعظيم المنفعة – أي درجة الإرضاء أو الإشباع التي تُكتسب من اقتناء سلعة أو الاستفادة من خدمة، وهذه المنفعة هي هدف المستهلك – التي تعبر عن مفهوم أوسع للسعادة المُحققة على المدى البعيد. إلا أن تحديد هذه المنفعة غير مرتبط بسلة أو حزمة من الماديات التي يمكن حصرها فنحدد بذلك ماهية سلوك الإنسان، بل إن هذا السلوك ينبع في معظم الأحيان من اللاشعور الإنساني ولذا فهو غير عقلاني وغير منطقي، مما يحيرنا ويعمي أنظارنا عن دوافع ومتغيرات وتفاعلات السلوك الاستهلاكي على سبيل المثال لا الحصر.
علم الاقتصاد بشكل عام غير معني بما يمكن أن يحقق المنفعة للأفراد، مع أنه يقبل باختياراتهم وقراراتهم، على اعتبار أن لكل فرد تفضيلاته ورغباته التي يرى أنها تلتقي وتتفاعل لتعظم أولاً وقبل كل شيء منفعته الخاصة، وبالتالي يعجز علم الاقتصاد عن حصر وتحديد ماهية هذه الرغبات، لأنها رغبات متماهية وغير متناهية ولا يمكن حسابها بالكمبيوتر والورقة والقلم؛ أي من المستحيل فهمها من خلال لغة الأرقام.
لكن علم الاقتصاد يفترض ”الرشد الاقتصادي في نظرية الاستهلاك“: أي سعي المستهلك للحصول على أقصى إشباع أو منفعة ممكنة من استهلاكه للسلعة أو الخدمة بأقل تكلفة ممكنة! إلا أن هذه المنفعة التي يسعى إليها الأفراد تعني الإشباع البيولوجي والمعنوي وليس المنفعة بالمعنى القيمي لها فحسب، فكيف يمكن للنظرية الاقتصادية المجردة أن تثبت صحتها في افتراض السلوك الرشيد العقلاني للأفراد. بما أن لكل إنسان قيمه العليا التي تختلف من فرد إلى آخر، فلا يبقى أمام المعنيين بالاقتصاد ومعطياته إلا أن يفهموا هذه القيم أو يتجاهلوها! فما هو الحل هنا .. ؟ هل هو اقتصاد السوق .. ؟
– اقتصاد السوق ..
تكونت الأسواق من تفاعلات الطبيعة البشرية، وأصبحت قادرة على تحفيز المستهلك لتحقيق رغباته الساعية نحو تعظيم المنفعة. لكن ما هو اقتصاد السوق؟ وما هي آليات عمله لتعظيم المنفعة؟ اقتصاد السوق هو مزيج من قانون الطبيعة ونظام الطبيعة:
— القانون الطبيعي: هو قانون المنفعة الشخصية الذي يُسيّر النشاط الاقتصادي لأفراد المجتمع
— النظام الطبيعي: هو النظام الذي تتحقق من خلاله حرية المبادرات الفردية التي تدخل ضمن القوانين الاقتصادية الطبيعية
ولهذا فإن أنصار الحرية الاقتصادية أو من نسميهم ”ليبراليون“ على قناعة تامة بأن السلوك الطبيعي للفرد هو الحصول على أكبر إشباع ممكن بأقل عناء، داخل سوق حرة؛ والسوق الحرة هي التي تطالب ب”اقتصاد السوق“. أي تطالب بأن نترك السوق يعمل عمله، مكتفيًا بآلياتها الذاتية والداخلية ويده الخفية دون تدخل من زيد، أو تذمر من عبيد.
– كيف تؤثر الحوافز في سلوك الافراد .. ؟
البشر كائنات معقدة، لديهم القدرة على القيام بكل ما يلزم لتحسين مستواهم المعيشي وتعظيم منافعهم. في بعض الأحيان يستطيع علم الاقتصاد توقع سلوك الأفراد، ولكن في معظم الأحيان تكون هذه التوقعات غاية في الصعوبة والتعقيد، وهذا ما يحدونا إلى تناول ”الحوافز“ والتي تعد من أهم العوامل المؤثرة في قرارات وسلوكيات الأفراد.
الحوافز عوامل خارجية تشير إلى المكافآت التي يتوقعها الفرد من قيامه بعمل ما، أي هي العوائد التي يتم من خلالها استثارة الدوافع وتحريكها. وبهذا المعنى فإن الحافز هو المثير الخارجي الذي يشبع الحاجة والرغبة المتولدة لدى الفرد من أدائه لعمل معين. وعليه فإن فاعلية الحوافز تتوقف على مدى توافقها مع هدف الفرد وحاجاته ورغباته. ولهذا فإن التفكير بالحوافز يقودنا إلى التفكير في ”المصلحة الشخصية“.
ففي عالمٍ تتباين فيه الحوافز والإغراءات، وتتسع فيه المصالح الشخصية ليصل كل منا إلى أقصى إشباع ممكن لتعظيم المنفعة، يرى ”آدم سميث“ أن المنافع والمصالح الشخصية تقودنا في نهاية المطاف إلى مصلحة المجتمع ككل! فكيف يكون هذا .. ؟
ما الذي جناه العالم حين تحول شعار ”كلٌ حسب قدراته“ إلى شعار ”كلٌ حسب احتياجاته“ .. ؟
ألم يتفاقم الوضع بسبب غياب ”كفاءة الأداء“ ليصل في بعض الدول إلى ”مجاعات جماعية“ ناجمة عن غياب العدل وطغيان المصالح الشخصية على المصالح العامة؟ فمن الذي يراقب ويتأكد ويضمن أن تجتمع المصالح الشخصية كلها على غاية فضلى ومطلب نبيل لتصب كلها في المصلحة العامة .. ؟
أي نظام لا يعتمد على قواعد وقوانين وإجراءات تنظم عمله داخل السوق، تتغول فيه المصالح الشخصية وتلتهم كل أشكال ومعاني ونتائج الإنتاجية وبالتدريج. لذلك فإن النظم الفعالة تعتمد نهجًا يتحكم بالحوافز ويوظفها بالشكل الذي يقود إلى النتائج والأهداف المرجوة. أما النظم التي تتجاهل ضرورة توجيه الحوافز وترشيدها، فإنها تفترض الرشد المطلق للسلوك، وهذه لن تصل أبدًا إلى مُبتغاها.
– الحكومة والاقتصاد ..
ترك الماضي إرثًا رقميًا معرفيًا نافعًا إزاء مسببات فشل الدور الشمولي للحكومة، ويشير استقراء تلك الأرقام إلى نتيجة مهمة مفادها أن التدخل الشمولي أفقدنا القدرة على إنجاز أهداف الكفاءة والمنافسة بسبب تقديم معايير العدالة في سلم الأولويات .. !
لكن هل هذه التجارب كفيلة بتعميم فشل دور الحكومة في الاقتصاد .. ؟ ماذا لو غابت الحكومات يومًا عن الساحة .. ؟ كيف ستعمل السوق دون رقابة أو تنظيم .. ؟ هل يزدهر الاقتصاد وترتفع معدلات النمو إذا تلاشى دور الحكومات في الدول المتقدمة .. ؟ وماذا عن الدول النامية والفقيرة، هل بإمكان الاقتصاد الحر أن يصحح نفسه في مجتمعات الفقر والجهل، والتي ترتفع فيها معدلات الجرائم، وهل يمكن لليد الخفية أن تلعب دور الرادع والمنظم والمراقب والمصحح .. ؟
هناك دول كثيرة تعاني نقصًا في الموارد التي تحرك عجلة الإنتاج، وهي تجد صعوبة في القيام بأبسط العمليات التجارية التي تنشط اقتصاد الدولة، وأخرى تعاني اضطرابات أمنية وسياسية تعطل دوران عجلة النمو وتعيق تقدمها. في هذه الدول يعد وجود الحكومة الفاعلة أمرًا لا غنى عنه. بل إن دور هذه الحكومات يمتد لتصبح فاعلاً اقتصاديًا رئيسيًا يقلل تكلفة القيام بكثير من الأعمال التي ستثقل كاهل القطاع الخاص إذا ما تولاها.
وهنا تعمل الحكومات على إنشاء وبناء المرافق العامة، والبنى التحتية، والطرق، والأنفاق، والموانئ، والجسور، وغيرها من الأساسيات التي لا يمكن أن تدخل في إطار ملكية القطاع الخاص. ليس هذا فحسب، بل تقوم الحكومات بإعادة توزيع الثروات داخل البلاد، عبر جمع الضرائب من المواطنين وتوزيع الفوائد والفوائض على الفئات الفقيرة، لأن الضرائب تُعد من الأدوات المهمة في يد الدولة لمساهمتها في تحقيق الكثير من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، ومن بينها إعادة توزيع الدخل القومي.
لكن هذا يجرنا إلى جدل من نوع آخر، حيث ينتقد كثير من المحللين قدرة الدولة على تحديد الفئات الجديرة بهذه الفوائد، على اعتبار أن الطبقة الوسطى هي المستفيد الوحيد من إعادة توزيع الثروات الناجمة عن جباية الضرائب في شكل رعاية صحية
وضمان اجتماعي وإعادة توزيع الدخل، بينما لا تستفيد الطبقات الفقيرة من هذه العوائد كما ينبغي .. !
– فما هو رأي الاقتصاد في هذا .. ؟
لا يمتلك علم الاقتصاد أدوات تكفي للإجابة عن الأسئلة الفلسفية المتعلقة بتوزيع الدخل. على سبيل المثال: لا يمكن للاقتصاد أن يثبت أن أخذ دولار من شخص غني وإعطاءه إلى أحد الفقراء سيساهم في رفع معدل الرفاهية الاجتماعية! قد يكون هذا ممكنًا نظريًا فقط، إلا أن استفادة الفقير من هذا الدولار قد تكون أقل بكثير من خسارة الغني الذي أضيرت منفعته الكلية! وفي كل الأحوال فإن الاعتماد على مفهوم ”المنفعة“ كمقياس لرفاهية المجتمع هو مفهوم نظري، وليس أداة قياس كمية يمكن مقارنتها بين الأفراد وبالتالي تطبيقها على المجتمع ككل.
ومن هنا يمكننا القول إن الحكومة تستطيع تطوير وتحسين السعة الإنتاجية للاقتصاد من خلال وضع إطار قانوني واضح، يهدف إلى تعظيم منفعة الأفراد عبر تقديم الخدمات العامة التي لا يمكن للأفراد شراؤها لأنفسهم.
يمكن للحكومات أن تحمي المستهلكين من الشركات الضخمة والمتعولمة والمتجبرة. فمثلاً: تستعمل الحكومة الفدرالية قوانين مكافحة الاحتكار لمراقبة أو كسر تجمعات شركات الأعمال الاحتكارية التي قد تصبح قوية إلى درجة تمكنها من سحق المنافسة. كما تحتاج شركات الأعمال إلى نظام قانوني ومحاكم تمثل العدالة لتحمي حقوق ملكيتها، وتفرض تطبيق العقود وحل النزاعات، وهو ما توفره الحكومات.
ليس هذا فحسب، بل تنظم الحكومات نشاطات الشركات الخاصة لحماية الصحة والسلامة العامة والمحافظة على البيئة. وهكذا يمكننا القول إن اقتصادات الدول التي تتمتع بحكومات قوية أفضل وأنجح من اقتصادات الدول التي تعاني من قصور الحكومات ولا تستطيع تفعيل أطر ونظم قانونية لتوازن بين قوى السوق.
– رأس المال البشري والإنتاجية ..
رأس المال البشري هو مجموع المعارف والمؤهلات والمهارات والمميزات والقدرات والمواهب ونقاط القوة الشخصية التي تيسر خلق جو من الرفاه الشخصي والاجتماعي والاقتصادي، حيث يشكل رأس المال البشري قيمة غير محسوسة، لكنها قادرة على دعم الإنتاجية والابتكار وخلق فرص العمل وتعزيزها.
ويتضمن رأس المال البشري القيم والمواقف إزاء العمل الجماعي والاندفاع والحماس والحافز والانفتاح وقبول الآخر واحترام حرية الفكر وقبول التغيير والتطوير وابتكار الأفكار الجديدة التي تساهم بدورها في توليد معارف جديدة.
لا يقتصر الاستثمار في رأس المال البشري على زيادة كسب المال فقط، بل يجعل منّا أفرادًا فاعلين في المجتمع، وآباء صالحين، وناخبين مؤثرين على درجة عالية من الوعي، لنكوّن مجتمعًا يُقدِّر الثقافة ويحترم الفن، لكي نتمتع ونستمتع بثمار الحياة، ونعيش في مجتمعات متحررة وواعية، فينعكس التراكم المعرفي المتوفر للعقل البشري على رخاء المجتمع ككل.
– رأس المال البشري والرفاة الاقتصادي ..
هناك علاقة وطيدة تربط بين مستوى رأس المال البشري والرفاه الاقتصادي للمجتمع، في ذات الوقت الذي تعاني فيه العلاقة بين الموارد الطبيعية ومستوى المعيشة قصورًا يعطل الوصول إلى الرفاه الاقتصادي المرجو. هناك دول مثل اليابان وسويسرا تعتبر من أغنى دول العالم، رغم الضعف النسبي لمواردها الطبيعية.
في حين نجد دولة مثل نيجيريا المليئة بالثروة النفطية لم تحقق المستوى المعيشي المتوقع رغم وجود مورد طبيعي استراتيجي! فأين تكمن أهمية رأس المال البشري .. ؟ يرتبط ”رأس المال البشري“ بأحد أهم مبادئ الاقتصاد: ”الإنتاجية“.
والإنتاجية هي الكفاءة التي يتم بها تحويل المدخلات إلى مخرجات، ويُعبر عنها بمعدل ما يمكن الحصول عليه من الإنتاج على معدل ما يُصرف للحصول على هذا الإنتاج.
ويأخذ هذا المعدل صيغة توازن بين مجموع المخرجات التي يتم الحصول عليها من سلع وغيرها، وبين مجموع المدخلات التي يتم إدخالها في سبيل إنتاج هذه السلع من عمل وآلات ومواد أولية.
ولذا فإن أهمية رأس المال البشري تتجلى يومًا بعد يوم أمام المنظمات والمجتمعات المختلفة، حيث ثبت أن أي عملية تطوير لنواحي ومكونات العمل في المنظمة أو الدول دون أن تشمل الاستثمار في المورد البشري، فإن هذا التطوير مصيره الفشل. التنمية الحقيقية ورفع الكفاءة الإنتاجية لا يتحققان بتطوير المباني أو الآلات أو التقنيات وفقًا للنظريات الاقتصادية الكلاسيكية، وإنما يتحققان بتطوير المورد البشري القادر على التعامل وإدارة الموارد الأخرى واستثمارها بشكل منتج. ولهذا تؤكد الاستراتيجيات الإدارية الحديثة على ضرورة التركيز على الموارد البشرية واعتبارها رأس المال النادر والغالي الذي يصعب الحصول عليه.
لذلك فإن المدارس والجامعات والمعاهد التي تُخرج رأس مال بشريًا حيويًا وفعالاً، وتُصدره للشركات التي توظف هذا الكادر، هي المجتمعات التي تشهد ارتفاع معدلات الإنتاجية، والتي تستطيع أن تتفوق على كل ما يواجه الاقتصاد من أزمات وتحولات، في حين تقبع المجتمعات التي تضع استثمار العقل البشري في آخر سلم أولوياتها، في أسفل الهرم أو في قاع العالم بسبب عدم قدرتها على الإنتاج والمنافسة.
– الاسواق المالية ..
ارتبط تطور أسواق المال تاريخيًا بالتطور الاقتصادي والصناعي الذي مرّت به معظم دول العالم ولا سيما الدول الرأسمالية. وقد جاء انتشار الشركات المساهمة وإقبال الحكومات على الاقتراض ليخلق حركة قوية للتعامل بالصكوك المالية، والذي أدى إلى ظهور بورصات الأوراق المالية والسندات ومفهوم أسعار الفائدة والائتمان، وغيرها من المصطلحات التي أفرخها النظام الرأسمالي.
الأسواق المالية مثل سوق السلع والخدمات، تسعى بدورها لتحقيق أعلى قيمة ممكنة. فكل من البائع والمشتري يسعي لتعظيم المنفعة من خلال صفقات تعظم الربح.
وتستند أسواق المال على أربعة احتياجات أساسية هي:
— رفع قيمة رأس المال، وذلك عن طريق تداول الأموال بشكل يوسع قدرة الأفراد والمجتمع على الاستثمار، وهو ما يعكسه مفهوم الإقراض.
— تخزين وحماية وحفظ قيمة رأس المال الزائد أو الفائض.
— التأمين والتحوط ضد المخاطر.
— المضاربة؛ أي عملية التداول في أسواق المال بمخاطرة عالية وتوقع اتجاه السوق لتحقيق عائد أو ربح كبير وسريع.
إذا كان وجود أسواق المال ناجمًا عن تطور علم الاقتصاد والرأسمالية العالمية، فإن هذا الاتساع في النشاط المالي وآلياته من سندات، وأسهم، ومضاربات، أدى إلى انخفاض نسبة الأموال الموظفة في الاقتصاد الحقيقي – الصناعة والزراعة – وتراجع دور
القطاعات المنتجة في الاقتصاد الكلي، مما أدى إلى تضخم الاقتصاد المالي، وضمور الاقتصاد الحقيقي! وجاءت الأزمة المالية العالمية الأخيرة لتعطي دروسًا لا تُنسى وتثبت فشل الأنظمة الاقتصادية الحديثة، وتقود إلى إعادة مراقبة وتقييم هذه النظم المالية التي لطالما تركت فوضى عارمة ناجمة عن المضاربات والرهانات غير المحسوبة.
– الدورة الاقتصادية ..
تعبر ”الدورة الاقتصادية“ عن تقلبات منتظمة ومتتابعة في مستوى النشاط الاقتصادي، وتمثل هذه التقلبات أحد قوانين الحياة وهي تحدث في كل وقت وحين، ويمكن لنا ربط عدم الاستقرار الاقتصادي بفترات الركود والانتعاش الذي يحدث في فترات متباينة.
ولفهم دورة الأعمال، لا بد من إدراك أدوات قياس الاقتصاد الحديث وهي:
— معدلات البطالة
— نسب الفقر
— عدم تكافؤ نسب الدخل
— حجم وقوة الحكومة
— عجز/ فائض الميزانية
— عجز/ فائض الحساب الجاري
— مدخرات واحتياطي الدولة
— العامل الديموغرافي
— مقياس المساعدة الوطنية
– الاقتصاد العالمي والعملات ..
لا يختلف الاقتصاد العالمي عن النظام الاقتصادي المعمول به داخل الدولة الواحدة، لأن الحدود الفاصلة بين هذه الدول هي فواصل وحواجز سياسية لا اقتصادية. اليوم يشهد الاقتصاد العالمي تدفق السلع والخدمات ورؤوس الأموال ونقل الخبرات ونتائج البحوث والاختراعات والاكتشافات الجديدة، التي تساعد جميعها على تحقيق معدلات عالية ومستمرة من النمو للوحدات المشكّلة للاقتصاد العالمي.
من هنا اتجه رجال الأعمال إلى البحث عن الاستثمار الأفضل لأموالهم متغاضين عن الحدود السياسية والمعوقات الجغرافية، محددين أهدافهم بوضوح لتعظيم المنفعة، ومستعدين لكل المخاطر.
التجارة بين الدول وتبادل السلع والخدمات، أعطيا قيمة أعظم للعملات المستخدمة لإتمام هذه العمليات، فظهرت مفاهيم جديدة مثل قوة العملة وأسعار التحويل وتقييم العملات بمقارنة بعضها ببعض، مما أنتج نظرية ”تعادل القوى الشرائية“.
– معايير تقييم العملات ومقابلة بعضها ببعض ..
— معيار الذهب: أبسط المعايير لتحديد قيمة العملات لذا أطلق عليه ”معيار قياس قيمة العملة“، حيث يتم قياس تغير قيمة العملة لبلد ما بمقارنتها مع قيمة محددة من الذهب المعروف بثبات قيمته.
— أسعار الصرف العائمة: هو نظام من نظم أسعار الصرف يحدد قيمة العملة بناءً على قوى العرض والطلب في سوق العملات. في هذا النظام لا تُجبر الحكومات على تحديد قيمة عملاتها وفقًا للنظام المعمول به عند القياس بواسطة معيار الذهب.
مثال ذلك أن أسعار صرف اليورو والين وكذلك الجنيه المصري متغيرة ومتبدلة دائمًا أمام الدولار.
— أسعار الصرف الثابتة: نظام لسعر الصرف يثبت فيه سعر صرف عملة أمام سعر صرف عملة أخرى، أو تثبيت سعر الصرف أمام سلة من العملات، أو أمام الذهب.
مثال ذلك أن سعر صرف الدرهم الإماراتي وال﷼ السعودي والدينار الأردني ثابتة أو مثبته بفعل قرارات وسياسات حكومية أمام الدولار.
– التجارة والعولمة ..
أفضل تقدير لدور وأهمية التجارة هو تخيل العالم من دونها! إذ يكمن السبب الحقيقي وراء ارتفاع المستوى المعيشي للأفراد في القدرة على التركيز على المهمات التي نبرع فيها وبالتالي إعطاء الأولوية لها، والتحول للتجارة في كل ما سواها، وهو ما يفسر ارتفاع نسب العمليات التجارية وتشابك التبادلات بين الدول في ظل مفاهيم الميزات التنافسية، مما أدى إلى توسع التجارة العالمية، حتى وصلنا إلى حقبة ”العولمة“.
التجارة ضرورية لتسهيل النمو الاقتصادي، فليست البضائع فقط هي ما ينتقل عبر الحدود، بل إن ارتفاع نسب الصادرات مع تحسن مستوى الاستهلاك بسبب رخص الواردات، يؤدي إلى زيادة الطلب على الأيدي العاملة في كل مكان في العالم، مما يخلق سوقًا جديدة وعوائد مختلفة للبلدان المُصدرة للعمالة والمستوردة لها.
– التجارة والحماية ..
على الرغم من ارتفاع ونمو حجم الاستثمار الأجنبي المباشر واستمرار عمليات التحرير الاقتصادي، هناك تحولات ملحوظة في الاتجاه المعاكس نحو الحمائية، فنجد التيارات الجارفة التي تحمل عناوين حرية التجارة الدولية تتبع سياسة حمائية واضحة، مما يحدث تضاربًا في السياسات والمصالح ويلحق ضررًا بمختلف الدول سواء كانت غنية أو فقيرة، ويطرح علامات استفهام حول حرية التجارة الدولية.
لهذه السياسة آثار تنعكس على الدول الغنية والفقيرة، لكن تأثيرها يكون أكثر وقعًا على الدول الفقيرة حيث هامش التحرك أمامها ضئيل مقارنة بالدول الغنية، خاصة فيما يتعلق بالصادرات الزراعية والمنسوجات القادمة من الدول الفقيرة .. !
– فائدة التجارة للدول الفقيرة ..
تتيح التجارة للدول النامية القدرة على الدخول والانخراط في الأسواق العالمية، والتأثر بالنظم العالمية، لتتحول من دول نامية إلى دول قوية وقادرة على المنافسة، لأن التجارة تركز على مبدأ الميزة التنافسية للدول المعنية بالعمليات التجارية، فتهتم هذه الدول بتطوير ما تبرع فيه، وتستغل الطاقات والكوادر المتاحة لها.
من ناحية أخرى نجد أن سهولة الحركة والانتقال، وتوافر فرص العمل في الخارج، تتيح الفرص للعاملين لتحسين مستوى معيشتهم عبر الانتقال والاستفادة من الدول المتقدمة، والمنافسة عبر التميز والتفوق، وعند عودتهم محملين بالطاقات والمعلومات والتكنولوجيا والثقافة التي تم اكتسابها من الخارج، يصبحون عائدًا وقيمة مضافة تحصل عليها الدولة بعد استثمارها في كوادرها البشرية.
– فقر الأمم وثراؤها ..
تمتلك جميع الدول موارد وطاقات تساعدها في النمو، ومن المستحيل أن تخلو دولة من كل الموارد، إلا أن الوسائل والطرق التي يتم بها تفعيل وتعظيم الاستفادة من هذه الموارد هي التي تحدد تنافسية هذه الأمة.
نحن هنا نشير إلى عدم قدرة ”علم الاقتصاد“ على وضع معادلة واضحة لتحويل الدول الفقيرة إلى دول غنية! فلا يملك علم الاقتصاد صيغة ثابتة للتنمية يمكن تطبيقها في كل دولة للوصول إلى الرخاء الاقتصادي ومن ثم الثراء .. !
لكن هناك بعض السياسات التي قدمها علماء وخبراء التنمية الاقتصادية للتمييز بين الثروة وفقر الأمم والتغلب على تأخر وتبعية النظم الاقتصادية:
— وجود مؤسسات حكومية فاعلة: حتى تنمو الدول وتنتعش، لا بد لها من قانون ينظم ويقنن المعاملات، ويضع آليات تنفيذ بنود هذا القانون، فضلاً عن أهمية وجود المحاكم لفض الخلافات والنزاعات. ومن ناحية أخرى تكمن فاعلية المؤسسات الحكومية في
جباية الضرائب وإعادة توزيعها في جو من الشفافية والوضوح والعدل، بعيدة كل البعد عن الفساد الذي ينتهك كل أشكال الإنتاجية ويهبط بمستوى القدرات الإبداعية، ويهدر الموارد، ويحبط كل محاولات ومبادرات الاستثمارات الأجنبية.
— عدم وضع نظم وقواعد معقدة: لدى الحكومة العديد من المهمات الملحة والضرورية التي لا بد أن تبذلها، وأخرى من الضروري ألا تعبث بها. لذلك فإن التنظيم المفرط والقواعد المقيدة تسير جنبًا إلى جنب مع الفوضى والفساد وكثرة هذه القيود تعكس استشراء الفساد والفوضى في الحكومة والاقتصاد.
— رأس المال البشري: رأس المال البشري هو الأساس الذي يشكل إنتاجية الأفراد، التي بدورها تحدد وتشكل المستوى المعيشي لكل منهم، فنجد أن مستوى تعليم وثقافة المجتمع يؤثر على الوعي الصحي العام وبالتالي كفاءة وسلامة القوى العاملة. من ناحية أخرى فإن وجود رأس مال بشري على قدر عالٍ من الإنتاجية يسهل اعتماد وتطبيق التكنولوجيا المتطورة في البلدان المتقدمة.
— وضع سياسات نقدية ومالية مسؤولة: الحكومة مثل الأفراد، تتورط في مشكلات وأمور لا تحسب عقباها إذا ما تمادت في الإنفاق المسرف على أمور لا ترفع القدرات الإنتاجية للدولة على المدى البعيد، بالتالي لا بد من تحديد سياسات مالية ونقدية رشيدة.
— الديمقراطية: الديمقراطية سلاح ذو حدين، ففي الوقت الذي ترتبط فيه الديمقراطية بارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، تواجه العديد من الديمقراطيات تباطؤًا في التنمية الاقتصادية بسبب قدرة بعض جماعات الضغط والأحزاب على الترويج لسياسات لا تصب في الصالح العام.
— إنهاء الحروب: الأمن والإحساس بالأمان من أهم شروط خلق بيئة خصبة لنمو الاقتصاد، حيث أثبتت التقارير أن أفقر دول العالم هي تلك التي تعاني حروبًا واختلالات أمنية تعيق تطورها، لذلك فإن الأمن والسلام الداخلي شرطان أساسيان لضمان نمو وازدهار اقتصاد الدولة.
— القيادة والإرادة السياسية: من الواضح أن نسبة الدول الفقيرة مرتفعة بسبب عدم محاولة الدول المتقدمة والغنية بذل قصارى جهدها لانتشال الدول الفقيرة من فقرها وتأخرها! بل إن المعونات الخارجية، ليست سوى نقطة انطلاق نحو التنمية والازدهار، فإذا ما توافرت الرغبة السياسية الممزوجة بالكوادر والطاقات البشرية المنتجة فلن يكون هناك تأخر